اللجوء إلى الفوط الصحية القابلة لإعادة الاستخدام في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى
من أحد أسباب تقبّل العالم للفوط الصحية القابلة لإعادة الاستخدام هو عدم قدرة الكثير من الفتيات على الذهاب إلى المدرسة أو حضور أي نوع من المُناسبات خلال دورتهنّ الشهرية.
وعلى سبيل المثال في كينيا، وافق الرئيس أوهورو كينياتا على مشروع قانون (مُعدّل) للتعليم الأساسي في العام 2014، حيث تعهّدت وزارة التعليم بتأمين فوط صحية مجانية، وكافية، وذات نوعيّة جيدة لجميع الفتيات في المدارس الحكومية في كينيا.
ولكن، تحصل هؤلاء الفتيات على حزمة أو حزمتين فقط في المدرسة. وتكون الدورة الشهرية لدى بعض الفتيات أكثر غزارة، وبالتالي، سوف تكون هذه الحزمة كافية ليوم واحد أو يومين فقط؛ ومن ثمَّ تُضطر هؤلاء الفتيات إلى إيجاد وسائل أخرى، مثل ملابس قديمة، أو مناديل، أو فرشات في حال لم يستطع ذويهم شراء حزمة أخرى لهنّ. كذلك، تلجأ هؤلاء الفتيات أثناء العطل المدرسية إلى استخدام نفس هذه المُنتجات البديلة.
وقد أظهرت الدراسات أنَّ بعض الفتيات اللواتي يبلغن 15 سنة يقمن بمُمارسة الجنس لقاء مبلغ من المال لشراء فوط صحية وتعيش 50% منهنّ في الأحياء الفقيرة. أمّا في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، فتلجأ الفتيات والنساء إلى استخدام وسائل غير صحية لوقف النزيف أثناء الدورة الشهرية مثل ريش دجاج، أو جلد ماعز يربطنه على فخذيهنّ لامتصاص الدمّ. وعلى الرغم من أنَّ بعض القادة المحليين ينفون حصول هذا النوع من المُمارسات، إلّا أنَّ الجمعيات النسائية ما زالت تَحثُّ الحكومة على تأمين مُنتجات صحية للفتيات في جميع أنحاء البلد.
وخلال الأبحاث التي أجريتها، وجدتُ أنَّ الكثير من النساء غير قادرات على شراء المُنتجات الصحية في حوالي ثلث الدول الأفريقية. ولكن مع ذلك، تبنّت العديد من الجمعيات النسائية فكرة تصنيع فوط صحية قابلة لإعادة الاستخدام من المواد المحليّة. ويعود سبب ذلك إلى تغيّب فتاة من أصل 10 عن 5% من الأيام الدراسية كلّ شهر بحسب مُنظّمة الأمم المُتحدّة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، ما يُؤثّر سلباً على نجاحهنّ وأدائهنّ في المدرسة.
وقد حصلت الكثير من الجمعيات النسائية على الإلهام من التجارب الشخصية لبعض أعضائها في صغرهم. إذ كان يتم تشجيع الفتيات في السبعينات على تقطيع الملابس القديمة والفرشات ووضع قطع القماش والإسفنج داخل السراويل الداخلية لامتصاص الدمّ. وقد أخبرتني الكثير من الفتيات أنّهنّ رأينَ فوط صحية للمرّة الأولى في مرحلة التعليم الثانوي.
وقد تحدّثتُ إلى امرأة من منطقة نانيوكي في كينيا تقوم بتصنيع فوط صحية قابلة لإعادة الاستخدام بهدف مُساعدة الفتيات في المُجتمعات الفقيرة. وقد أخبرتني أنّها أجرت أبحاثاً لتعلّم طريقة صنع هذه الفوط الصحية. وأضافت أنّها مُستعدة لتدريب نساء أخريات في المُجتمع على صنعها. وبهذه الطريقة، تستطيع هؤلاء النساء تأمين دخل لهنّ أو صنع هذه الفوط الصحية لبناتهنّ عندما يبدأن دورتهنّ الشهرية.
كذلك، أضافت أنَّ الفوط الصحية القابلة لإعادة الاستخدام هي مُريحة للارتداء ويُمكن استخدامها طوال اليوم على عكس الفوط الصحية الغير القابلة لإعادة الاستخدام التي يجب تغييرها كلّ 5 أو 6 ساعات. كما أخبرتني عن رغبتها في العمل مع حكومة المُقاطعة لتوزيع فوط صحية قابلة لإعادة الاستخدام على جميع المدارس في المنطقة.
وتعمل الجمعيات النسائية حول العالم على توفير فوط صحية قابلة لإعادة الاستخدام ومُستدامة وسهلة النقع والغسيل والتجفيف للفتيات في المدارس. وعلى عكس السدادات القطنية غير القابلة لإعادة الاستخدام التي تستغرق مئات السنين للتحلل، تُعتبر الفوط القماشية صديقة للبيئة إذ لا يبقى منها شيء لردمه في المطامر كلّ شهر.
كذلك، يُعتبر بشكلٍ عام النقص في التواصل بين الأم وابنتها في ما يتعلّق بالنظافة الصحية أثناء الدورة الشهرية والتوعية الجنسية، من المشاكل الرئيسية التي تُعاني منها مناطق مُعيّنة في العالم، خاصة المناطق الريفيّة. لذلك، يجب أن تعمل الحكومة المحليّة مع الأساتذة لتدريب الفتيات في المدارس على صنع فوط صحية قابلة لإعادة الاستخدام.