سن الأمل: الأعراض التي لا يتحدّث عنها أحدٌ
يُعتبر سن الأمل مرحلة انتقالية ويبدأ عادةً بين 45 و55 سنة، وهو الفترة التي تتوقّف فيها الدورة الشهرية عند المرأة. تستمتع بعض النساء بسنوات ما بعد سن الأمل، إذ يتحررن من قيود الدورة الشهرية وتتبُّع الخصوبة بشكلٍ مُستمر؛ أمّا البعض الآخر، فيجدها مرحلة صعبة، إذ يجب التكيّف مع مجموعة كبيرة من الأعراض المُرتبطة بسن الأمل وربّما مُواجهة فكرة الموت للمرّة الأولى.
تبدأ عادةً أعراض سن الأمل أثناء فترة ما قبل سن الأمل. وهي الفترة التي تسبق سن الأمل، عندما تُصبح الدورات الشهرية غير مُنتظمة بشكلٍ كبير. وثمّة اعتقاد سائد بأنَّ الهبّات الساخنة، وصعوبة التنفّس، وتراجع الرغبة الجنسية، وجفاف المهبل على سبيل المثال، هي جميعها أعراض مُرتبطة بسن الأمل. وتكون هذه الأعراض شائعة، وتتراجع شدتها عادةً في السنوات التي تلي سن الأمل إلّا أنَّ هذه المعلومة لا تُشعر النساء اللواتي دخلن سن الأمل بكثيرٍ من الراحة.
ولكن ثمّة أعراضٌ أخرى أيضاً؛ وهي إمّا غير مفهومة جيداً، أو لا ترتبط بشكلٍ وثيق بسن الأمل مُقارنة ببعض الأعراض المذكورة أعلاه. وفي الحقيقة، يُقدَّر وجود أكثر من 30 عرضاً لسن الأمل. وتُعاني ثلاث من أصل أربع نساء من أعراض سن الأمل، ولكن بما أنَّ بعض هذه الأعراض غير مفهومة جيداً بعد، فمن المُحتمل أن يكون العدد الفعلي للنساء اللواتي تأثرن بسن الأمل أكثر ارتفاعاً.
أردنا في هذا المقال تسليط الضوء على بعض الأعراض الأقلّ شيوعاً، خاصةً وأنّها تترافق مع تغيّرات جسدية وعاطفية يُمكن أن تُؤثّر بشكلٍ كبير على نوعيّة الحياة خلال سن الأمل.
ضبابية الدماغ
تتمثّل ضبابية الدماغ في تراجع الوظيفة الإدراكية لدى الكثير من النساء خلال سن الأمل. وتتجسّد عادةً على شكلِ مشاكل في الذاكرة وعدم قدرة على التركيز؛ تُواجه بعض النساء صعوبة في تذكّر الكلمات المُناسبة في الوقت المُناسب أو قد يقمن باستخدام مُفتاح السيارة لدخول المنزل. ويُمكن أن يُشكّل ذلك تجربة مُخيفة، خاصةً إذا كنتِ قلقة أيضاً من أن يكون ذلك علامة مُبكرة على الخَرَف.
لم يُفهم جيداً بعد سبب الإصابة بضبابية الدماغ أثناء سن الأمل. وتُشير بعض الفرضيات، التي قد تبدو منطقية من الناحية النظرية، إلى وجود ارتباط بين ضبابية الدماغ من جهة وانخفاض مُستويات الأستروجين و/أو اضطراب أنماط النوم من جهة أخرى (يُؤثّر الأستروجين مُباشرةً على مناطق الدماغ التي تُشارك في وظائف الدماغ والذاكرة اللفظية)؛ إلّا أنَّ الدراسات التجريبيّة لم تدعم هذه الفرضيات. وقد أظهرت إحدى الدراسات أنَّ ضعف الإدراك يكون حاداً أكثر في المراحل الأولى من سن الأمل ما يُشير إلى أنَّ سبب هذه المشاكل يعود إلى تأرجح مُستويات الأستروجين، وليس انخفاضها بشكلٍ كامل.
التعب
يُعدُّ التعب، أو نقص الطاقة والشعور بالإرهاق، من أحد أعراض سن الأمل. وتشعر نحو 44 إلى 65% من النساء في سن الأمل بالتعب. وهذا ليس أمراً غريباً نظراً لارتفاع نسبة النساء اللواتي يُعانين من تعرّق ليلي واضطرابات في النوم. ولسوء الحظّ، يرتبط التعب بشكلٍ وثيق بالعواطف السلبية، ما يعني ارتفاع خطر إصابة النساء اللواتي يُعانين من التعب باكتئاب وقلق. وقد تبيّن أيضاً ارتباط التعب بضبابيّة الدماغ.
تقلّبات المزاج والقلق
تُعتبر تقلّبات المزاج أحد آثار سن الأمل الأكثر شيوعاً، ولكن نادراً ما يتم التركيز عليها. وتُعتبر تقلّبات المزاج في كثير من الأحيان “مُعاناة الشباب”؛ وهي سمة مُميّزة ترتبط بالفترة الأخرى التي تحدث فيها تقلّبات هرمونية كبيرة؛ أي فترة البلوغ. ولكن، تظهر عادةً تقلّبات المزاج مُجدداً خلال سن الأمل. وعلى الرغم من أنَّ المرأة تكون قد تقدّمت في السنّ خلال هذه المرحلة وأصبحت أكثر حكمة من نواحٍ عدّة، إلّا أنّها ما زالت مُعرّضة لنفس الآثار العاطفية الناتجة عن تقلّب الهرمونات التي اختبرتها في شبابها.
وبالإضافة إلى الهرمونات، ثمّة الكثير من الأمور التي يجب أن تُفكّر فيها المرأة في هذه المرحلة من حياتها؛ مثل مُغادرة الأولاد المنزل، والاهتمام بالأهل الكبار في العمر، وازدياد الالتزامات والمسؤوليات في العمل. وتترافق كلّ هذه الهموم مع أعراض سن الأمل الجسدية، مثل الهبّات الساخنة والتعرّق الليلي، فيُصبح من السهل معرفة سبب ارتفاع مُعدّلات الأمراض المُرتبطة بالقلق لدى النساء بين 40 و50 سنة مُقارنة بالمُعدّلات لدى النساء الأصغر سنّاً. وتُعتبر نوبات القلق والهلع اثنتين من أهمّ مشاكل الصحّة العقلية التي يُمكن أن تُصيب النساء في سن الأمل.
فقدان الشعر واكتساب الوزن
لا تتأسّف جميع النساء على انتهاء فترة الخصوبة لديهنّ؛ فكما ذكرنا سابقاً، قد تشعر بعض النساء بالراحة. ولكن، يصعب على نساء أخريات تقبّل فكرة أنَّ هذه السنوات قد ولّت. إذ تُحدّد الدورة الشهرية هويتنا كنساء وهي أحد الأمور الرئيسية التي تُميّزنا عن الرجال. وفي هذا المقال الذي يتوجه إلى المرأة والذي تمت كتابته بقلم امرأة، أقول لكنَّ بكلّ صراحة، أنَّ هذا ما يُميّزنا. فقد تعايشنا مع الدورة الشهرية وقمنا بتدبيرها على مدى 25 سنة أو أكثر. ويجب دائماً معرفة أنَّ أي تغيّر أو فقدان لأحد المعايير الفيزيولوجية قد يُسبّب مشاكل عاطفية.
وبالإضافة إلى هذه الاضطرابات العاطفية، تُضطر الكثير من النساء في هذه المرحلة إلى التكيّف مع تغيّرات جسدية غير مرغوب فيها. وتُعاني ثلث النساء في سن الأمل من فقدان الشعر وبقع الصلع. كما تُلاحظ الكثير من النساء زيادة مخزون الأنسجة الدهنية لديهنّ وبالتالي يكتسبن دهون زائدة غير مرغوب فيها. وتكون هذه التغيّرات غير مُرحّب بها في أفضل مراحل الحياة، ولكن عندما تحدث لدى النساء اللواتي يُعانين في الأصل من مشاكل عاطفية، يُصبح من الصعب تدبيرها.
الاضطراب المناعي
يترافق التقدّم في السنّ مع “الشيخوخة المناعية”، أي بعبارة أخرى تراجع القدرة على تدبير الالتهابات. وهو يُصيب النساء والرجال على حد سواء، ولكن تتفاقم شدته لدى المرأة في سن الأمل، فتُصبح بالتالي أكثر عُرضة لتعطل الاستجابة المناعية في الجهاز التناسلي، ما يرفع خطر حدوث التهابات في المسالك البولية. وتُعاني 10 إلى 15% من النساء في عمر 60 وما فوق من التهابات متكررة في المسالك البولية، التي يعود سببها على الأرجح إلى تغيّر ميكروبيوم المهبل (نمو أنواع مُختلفة من البكتيريا في بطانة المهبل) لدى النساء في فترة ما بعد سن الأمل.
تدبير سن الأمل
لا يُمكن “علاج” سن الأمل، فهو مرحلة من الحياة لا مفرّ منها. ولكن، يُمكن اتبّاع عددٍ من الخطوات للتخفيف من شدّة بعض الأعراض غير المرغوب فيها. ويُعتبر العلاج بالهرمونات التعويضية (HRT) أحد العلاجات الأكثر شيوعاً كما أنّه على الأرجح الطريقة الوحيدة الأكثر فعاليّة للتخفيف من شدّة الهبّات الساخنة؛ إلّا أنَّ العلاج بالهرمونات التعويضية ينطوي على عددٍ من الآثار الجانبيّة ولا يُنصح باستخدامه على المدى الطويل لأنّه يُسبّب سرطان الثدي ويُؤدّي إلى تكوّن كتل مُتَخَثّرة من الدمّ. كذلك، يُمكنكِ القيام ببعض التغييرات في نمط الحياة واستخدام العلاجات المنزلية التي قد تبيّن أنّها تُحسّن بعض أعراض سن الأمل:
- تحديد العوامل التي تُسبّب هذه الأعراض وتجنّبها. قد تجدين أنَّ الكحول، أو الكافيين، أو التوتر تجعل الهبّات الساخنة وتقلّبات المزاج أكثر سوءاً، وعندما تُخفّفين من تعرّضكِ لهذه العوامل، تُخفّفين بالتالي من شدّة أعراض سن الأمل لديكِ. وفي حال لم تتمكّني من معرفة العوامل المُسبّبة لهذه الأعراض، حاولي تحديد العوامل الشائعة وحفظها في مُذكّرات خاصة بكِ.
- اتبّاع نظام غذائي مُتوازن. تناولي المزيد من الفواكه والحبوب الكاملة وحاولي التخفيف من استهلاك الدهون المُشبّعة والسكّريات. وسوف يُحسّن تناول الأطعمة الصحية مزاجكِ، إذ سوف يُجنّبكِ الشعور بانزعاج ناتج عن تقلّب مُستويات السكّر في الدمّ؛ وسوف يُساعدكِ أيضاً على تدبير وزنكِ بفعاليّة أكثر.
- مُمارسة الرياضة أكثر. لا تُوجد أدلّة على أنَّ مُمارسة الرياضة بانتظام تُخفّف من وتيرة الهبّات الساخنة أو التعرّق الليلي، ولكنّها تُحسّن الطاقة وتُخفّف من التوتر. وهذا يجعلها طريقة فعّالة لتدبير التعب والمزاج السيئ. وتُساعد أيضاً مُمارسة الرياضة بانتظام، مثلها مثل تناول الأطعمة الصحية، على التخفيف من الوزن الزائد غير المرغوب فيه.
- القيام بتمارين الاسترخاء مثل اليوغا، والتدليك، والتنفّس العميق والبطيء، التي يُمكن أن تُساعد على تخفيف أعراض القلق.
- تناول المُكمّلات. أصبحت الكثير من النساء يستخدمن المُكمّلات لتدبير أعراض سن الأمل لديهنّ، غير أنَّه لا توجد الكثير من الأدلّة التي تدعم استخدامها وما زال يلزم القيام بمزيد من الدراسات. وهناك اعتقاد سائد بأنَّ الفيتامين D والكالسيوم ضروريان للحفاظ على صحّة العظام، وفي حال كانت المُستويات الذاتية مُنخفضة، فمن الجيّد استخدام المُكمّلات لتحسينها. ومع ذلك، تُوجد مُكمّلات أخرى تُستخدم على نطاقٍ واسع، من دون وجود أدلّة علمية لإثبات صحّة آثارها الإيجابية المزعومة، ونذكر منها: الأستروجين الذي يتم استخراجه من النباتات (الأستروجين النباتي)، والكوهوش الأسود (أعشاب طبية في أمريكا الشمالية) والبرسيم الأحمر.
ولكن ما زال يلزم القيام بمزيد من الأبحاث للتأكّد ما إذا كانت هذه العلاجات البديلة فعّالة وآمنة للاستخدام.
مُلخّص
ما أروع النساء! يهدف هذا المقال إلى تغطية بعض الأعراض التي سوف تُعاني منها الكثير من النساء مع اقتراب سن الأمل. ولا تشمل هذه القائمة جميع الأعراض، ولكنّها تحتوي على بعض المعلومات عن التغيّرات الجسدية التي سوف نختبرها؛ وهي تغيّرات تُؤثّر على صحّتنا العاطفية، والجسدية، والجنسية. ويُشار إلى سن الأمل في اللغة الإنجليزية بالعامية باسم “التغيير”، ومن السهل معرفة مصدر هذه التسمية.
وتكون العديد من أعراض سن الأمل مُترابطة فيما بينها، ما يعني أنَّ انعدام ثقة الكثير من النساء في مظهرهنّ الخارجي قد يجعل العواطف السلبية التي يشعرن بها خلال هذه الفترة أكثر سوءاً.
ولكن بالطبع لا تُواجه جميع النساء هذه المشاكل. ولا تُوجد طريقة صحيحة أو خاطئة للتعامل مع سن الأمل. وقد حاولنا أيضاً تقديم بعض الخيارات لتدبير الأعراض الأقلّ شيوعاً لسن الأمل، من دون الاعتماد حصراً على العلاج بالهرمونات. ومن الأمور المُهمّة التي يجب القيام بها هو مُشاركة مخاوفكِ وهمومكِ مع الأصدقاء والمُقرّبين، وطلب مُساعدة طبية في حال أصبح تدبير أي من هذه الأعراض يفوق طاقتكِ.
تُعيد شركة نبتة بناء الرعاية الصحية للمرأة. نحن ندعم المرأة في رحلتها الصحية الشخصية من الصحة اليومية إلى التجارب الخاصة بها مثل الخصوبة والحمل وسن الأمل.
تواصلوا معنا في حال لديكم أي سؤال حول هذا المقال أو أي جانب من جوانب صحة المرأة. نحن هنا من أجلكم.
Sources:
- Ali, Amira Mohammed, et al. “Psychological Climacteric Symptoms and Attitudes toward Menopause among Emirati Women.” International Journal of Environmental Research and Public Health, vol. 17, no. 14, 13 July 2020, p. 5028., doi:10.3390/ijerph17145028.
- Ghosh, Mimi, et al. “The Immune System in Menopause: Pros and Cons of Hormone Therapy.” The Journal of Steroid Biochemistry and Molecular Biology, vol. 142, July 2014, pp. 171–175., doi:10.1016/j.jsbmb.2013.09.003.
- Glazier, M. Gina, and Marjorie A. Bowman. “A Review of the Evidence for the Use of Phytoestrogens as a Replacement for Traditional Estrogen Replacement Therapy.” Archives of Internal Medicine, vol. 161, no. 9, 14 May 2001, pp. 1161–1172., doi:10.1001/archinte.161.9.1161.
- Heinemann, Christine, and Gregor Reid. “Vaginal Microbial Diversity among Postmenopausal Women with and without Hormone Replacement Therapy.” Canadian Journal of Microbiology, vol. 51, no. 9, 1 Sept. 2005, pp. 777–781., doi:10.1139/w05-070.
- Maki, Pauline M., and Victor W. Henderson. “Cognition and the Menopause Transition.” Menopause, vol. 23, no. 7, July 2016, pp. 803–805., doi:10.1097/gme.0000000000000681.
- Mansikkamäki, Kirsi, et al. “Physical Activity and Menopause-Related Quality of Life – A Population-Based Cross-Sectional Study.” Maturitas, vol. 80, no. 1, 30 Sept. 2014, pp. 69–74., doi:10.1016/j.maturitas.2014.09.009.
- “Menopause.” Mayo Clinic, Mayo Foundation for Medical Education and Research, 7 Aug. 2017, www.mayoclinic.org/diseases-conditions/menopause/diagnosis-treatment/drc-20353401.
- “Menopause: Symptoms .” NHS Choices, NHS, www.nhs.uk/conditions/menopause/symptoms/.
- Roberts, Helen. “Managing the Menopause.” Bmj, vol. 334, no. 7596, 5 Apr. 2007, pp. 736–741., doi:10.1136/bmj.39153.522535.be.
- “Treating Female Pattern Hair Loss.” Harvard Medical School, Harvard Health Publishing, 14 Nov. 2018, www.health.harvard.edu/staying-healthy/treating-female-pattern-hair-loss.
- Weber, Miriam T., et al. “Cognition in Perimenopause.” Menopause: The Journal of The North American Menopause Society, vol. 20, no. 5, May 2013, pp. 511–517., doi:10.1097/gme.0b013e31827655e5.
- “What Is Menopause?” National Institute on Aging, U.S. Department of Health and Human Services, www.nia.nih.gov/health/what-menopause.
- Zhu, Xiaoshu, et al. “Chinese Herbal Medicine for Menopausal Symptoms.” Cochrane Database of Systematic Reviews, 15 Mar. 2016, doi:10.1002/14651858.cd009023.pub2.